أنا العبدُ الذي كسبَ الذنوبا *** وصدتْهُ الأمانِي أن يتوبا
أنا العبدُ الذي أضْحَى حزيناً *** على ذَلاتِهِ قَلِــقاً كَئيبا
أنا العبدُ الذي سُطِرَتْ عليه *** صَحَائِفُ لم يَخَفْ فيهاالرَّقِيبا
أنا العبدُ المسيءُ عَصَيتُ سِراًّ *** فَمَالِي الآنَ لا أُبْدِي النَّحِيبا
أنا العبدُ المُفَرِّطُ ضاعَ عُمْرِي *** فَلَمْ أَرْعَ الشَّبيبَةَ والمَشِيبا
أنا العبدُ الغريقُ بِلُجِ بحرٍ *** أصــيحُ لربَّمَا أَلقَى مُجِيبا
أنا العبدُ السَّقِيمُ منَ الخَطَايَا *** وقدْ أقبَلتُ ألتَمِسُ الطَبِيبا
أنا العبدُ المخَلَّفُ عن أناسٍ *** حَوَوا مِن كلِ معروفٍ نصيبا
أنا العبدُ الشريدُ ظلمتُ نفسي *** وقد وَافَيتُ بَابَكُمُ مُنيبا
أنا العبدُ الفَقيرُ مَـدَدتُ كَفِي *** إِليكمْ فادفَعُوا عَني الخُطُوبا
أنا الغدارُ كَم عَاهَدتُ عـهداً *** وكُنتُ عَلَى الوَفَاءِ بِهِ كَذُوبا
أنا المقطوعُ فارحَمني وَصِـلني *** وَيَسِر مِنكَ لِي فَرَجاً قَريبـا
أنا المضطرُ أرجُو مِنكَ عـفواً *** ومَن يرجو رِضاكَ فلن يَخيبا
فَوَا أَسَفاَ عَلَى عُمرٍ تَقَضَّى *** ولم أكسبْ بِهِ إلا الذُنُوبا
وأَحْذرُ أن يُعاجِلُنِي مَمَاتٌ *** يُحَيِّرُ هَولُ مَصْرَعِهِ اللَّبِيبـا
ويا حُزناه مِن نَشري وحَشري *** بِيومٍ يجعلُ الـولدانَ شيبـا
تَفَطَّرَتِ السماءُ به ومَارَتْ *** وأصبحتِ الجبالُ بِهِ كَثِيـبا
إذا ما قُمتُ حَيراناً ظَمِئاً *** حَسيرَ الطرفِ عُرياناً سَليبا
ويا خجلاهُ من قبحِ اكتِسابي *** إذا ما أبدتِ الصُحُفُ العيوبا
وذلةِ موقفٍ وحسابِ عدلٍ *** أكونُ به على نفسي حَسيبا
ويا حَذَراهُ من نارٍ تلظى *** إذا زَفَرت فأقلعتِ القلوبا
تكادُ إذا بدتْ تَنشَقُ غيظاً *** على من كانَ ظلاما مُريبا
فيا من مدّ في كَسْبِ الخَطَايا *** خُطاهُ أما بَدا لَكَ أن تتوبا
ألا فقْلِع وتُب وجْهَد فـإنا *** رَأينَا كُلَّ مُجتهدٍ مُصيبا
وأقبِل صادقاً في العزمِ واقصد *** جَنَاباً ناضِراً عَطِراً رَحِيبا
وكُن للصَالِحِينَ أخاً وخلاً *** وكُن في هذه الدُنيا غريبـا
وكن عن كلِّ فاحشةٍ جَبَاناً *** وكُن في الخَيرِ مِقداماً نَجِيبـا
ولاحظْ زينَةَ الدنيا بِبُغضٍ *** تَكُن عبداً إلى المَولى حَبيبا
فمن يَخْبُر زَخَـارِفَهَا يَجِدها *** مُخَادِعَةً لِطالِبِها حَلُوبا
وغضَ عن المحارمِ مِنك طرفاً *** طَمُوحاً يَفتِنُ الرَجُلَ الأريبا
فخائنةُ العيونِ كأسدِ غابٍ *** إذا ما أُهمِلَت وَثَبَت وثوبا
ومــــــن يَغْضُضْ فُضُولِ الطَّرفِ عنها *** يَجِد في قلبه رَوحاً وطِيبا
ولا تُطِلقْ لِسَانَكَ في كـلامٍ *** يَجُرُ عَليكَ أحقاداً وحُوبا
ولا يَبرَح لِسـانَكَ كُلَ وقتٍ *** بِذِكرِ اللهِ رَيّاناً رَطيبـا
وَصَلِّ إذا الدُّجَى أرخَى سُدُولاً *** ولا تجهر بِهِ و تَكُن هَيُوبا
تَجِد أجْراً إذا أُدخِلتَ قَبراً *** وَفَارقْتَ المُعاشِرَ والنَّسِيبا
وصُم ما تستطيعُ تَــجِدهُ رَياً *** إذا ما قُمتَ ظمآناً سَغِيبـا
وكُن مُتَصَدِّقــاً سِراُ وجَهراً *** ولا تَبخَل وكُن سَمحاً وهوبا
تجد ما قَدَّمَتهُ يداك ظِـلاً ***عليك إذااشتكى الناس الكُرُوبا
وكُن حَسَنَ السَّجَايا ذا حيـاءٍ *** طليقَ الوجهِ لا شَكِساً قَطُوبا
فيا مَولاي جُد بالعَفوِ وارحــم *** عُبَيداً لم يَزَل يشكي الذنوبا
وسامِح هَفوَتي وأَجِب دُعائـــي *** فَإنك لَم تَزل أَبَداً مُجيبا
وشفِّع فِيَّ خَيرَ الخلقِ طــراً *** نبياً لم يزل أبداً حبيبـا
هو الهادي المشفّع في الــبرايا *** وكان لهم رحيماً مستجيبـا
عليه مِنَ المُهَيمِنِ كــلَ وقتٍ *** صَلاةً تَملأُ الأكوانَ طِيبـا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق