16‏/08‏/2008

تأصيل منهج اهل السنة و الجماعة و الرد علي المخالف

اعلم رحمك الله ان كل كلام خطأ ينسب الي الشريعة فسببه واحد من اثنتين : اما ذلة عالم و اما قول جاهل و افرح الناس بذلة العالم هو هذا الجاهل و حتي اذا انكرنا علي هذا الجاهل و قلنا انه خطأ قال : قال به فلان و يجعل هذا العالم المخطأ جنة يتترس من ورائها ثم ينسب الراد عليه الي بغض العلماء فاذا تبني قولا لرجل جليل فاضل لا نشك في فضله ولا في علمه و قلنا اخطأ الشافعي في كذا فيقول : بيغلط الشافعي و يثير الجماهير اننا نبغض الائمة بدليل اننا غلطناه و الذين يتكلمون في هذا الزمان هم الجهلة في الفضائيات و السماوات المفتوحة عن اخرها يتكلم فيها كل انسان يريد ان يتكلم و انتهزوا ان ليس للدين حمي و ان ليس هناك جهة تعاقب من يتكلم في دين الله بجهل فتكلموا .
الاصول التي نؤصلها للرد علي المخالفين
فعلي المسلم الصحيح في إسلامه أن يعتقد أن دين الإسلام دين كامل لا نقص فيه ولا هو بحاجة الي زيادة ابدا . فان من فضل الله علي هذه الامة أن الله تعالي أكمل لها الدين أعظم إكمال و أتمه ابلغ إتمام فلم يحوج الله تعالي هذه الامة إلي احد . لا الي فكر مفكر أو نظر أحد ..
فانزل الله تعالي هذه الحقيقة علي النبي r في اليوم المشهود يوم عيدين عرفة و الجمعة ..
* قال تعالي :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً[المائدة : 3] )..
* وفي تفسير قوله تعالي : (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ [الأنعام : 38]) قال القرطبي : في اللوح المحفوظ و قيل أيضا : أي ما تركنا شيئا من أمر الدين إلا و قد دللنا عليه في القران إما تأصيلا أو تفصيلا.
*وروي الإمام احمد و ابن حبان بسند صحيح من حديث أبي ذر الغفاري t قال : تركنا رسول الله r وما من طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم ..
*واخرج احمد و ابن ماجة بسند صحيح من حديث الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ t قَالَ : وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ r مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ .
نضع ثلاثة أصول قبل الكلام عن أي مسألة و ينبغي ان نضع هذه الاصول قبل الحوار عن أي مسألة فرعية
الأصل الاول : ان المعصوم الوحيد الذي لا يرد عليه قول ابدا و لا ينبغي أن يقال له علي سبيل الاعتراض لما قلت هو النبي r و ان الله تعالي أوجب طاعته في المنشط و المكره و العسر و اليسر و الزمنا قبول خبره و جعل ذلك علامة ايمان.
قال تعالي : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً [النساء : 65])
قال تعالي : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) ..
و حذر المخالفين عن امره فقال تعالي : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور : 63]) ..
و انظر الي تعظيم السلف لكلام النبي r :
* وقال رجل للامام مالك بن انس : يا ابا عبد الله من أين احرم ؟
فقال الامام مالك : من ذي الحليفة من حيث احرم النبي r .
فقال : اني اريد ان احرم من المسجد من عند القبر .
فقال : لا تفعل فاني اخشي عليك الفتنة ..
قال : و أي فتنة في هذه ؟ انما هي أميال ازيدها !
قال : و أي فتنة اعظم من ان تري انك سبقت الي فضيلة قصر عنها رسول الله r . إني سمعت الله يقول : (َلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور : 63])
ــــــــ
* روى البيهقي بسند صحيح عن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه رأى رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين يكثر فيها الركوع والسجود فنهاه فقال الرجل: يا أبا محمد ! أيعذبني الله على الصلاة ؟ ! قال : لا ولكن يعذبك على خلاف السنة .
قال العلامة الألباني رحمه الله :
وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع باسم أنها ذكر وصلاة ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة ! ! وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك.
ما هي السنة في ذلك ؟ ما رواه البخاري و مسلم . رَوَاهُ عُمَرُ وَابْنُ عُمَرَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ y أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ . الحديث)
ــــــــ
* وروي الإمام مسلم في كتاب الصلاة عن سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا . قَالَ فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ .. قَالَ : فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ وَقَالَ : أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r وَتَقُولُ وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ *
ــــــــ
* و يعجبني ان اذكر هنا ما رواه اصحاب السنن و من سياق ابي عبد الله الحاكم في المستدرك وحديث صحيح على شرط مسلم:
انه جاء رجال الي عبد الله بن مسعود t قالوا يا أبا عبد الرحمن رجل عقد علي امرأة و مات و لم يفرض لها مهرا فما هو حقها كيف نقيم مهرها ؟ قال التمسوا غيري فما عرض علي شيء مذ صحبت رسول الله r اكبر من هذا و جعلوا يراجعونه شهرا كاملا و هو يحيل علي غيره حتي قالوا له من نسأل و انت آخيت اصحاب النبي r و انت اعلم من في البلد فجعل يشفق علي نفسه و قال انا سأقول قول فان اصبت فمن الله و ان اخطأت فمني و من الشيطان و الله و رسوله بريأن منه . اري ان يكون لها مهر مثلها لا وكس ولا شطط و لها الميراث و عليها العدة (اربعة اشهر و عشرا) فقام رجال من اشجع و قالوا : شهدنا رسول الله r يقول هذا القضاء في بروع بنت واشق لما تزوجها هلال بن مرة و مات عنها قضي مثل قضائك يا ابا عبد الرحمن فقيل انه ما فرح بعد اسلامه مثل ما فرح انه اصاب حكم النبي r ..قال الحاكم : و سمعت ابا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ يقول : لو كنت عند الشافعي ( لان الشافعي قال لو صح حديث بروع بنت واشق قلت به ) لقمت علي رؤوس أصحابه و قلت له صح الحديث فقل به .. تعظيما لجناب القائل r .
ــــــــ
* وفي مسند الامام احمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ t قَالَ تَمَتَّعَ : النَّبِيُّ r فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ t: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ t: مَا يَقُولُ عُرَيَّةُ ؟! قَالَ : يَقُولُ نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ t عَنِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أُرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ أَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ r وَيَقُولُ نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ *
ــــــــ
* و اخرج مسلم عن سعيد بن جبير قال : قد احسن من النتهي الي ما سمع .
ــــــــ
* وقال سفيان الثوري : ان استطعت الا تحك رأسك الا بأثر فافعل .
ــــــــ
* ولهذا قال ابن القيم في الصواعق المرسلة : (وقد كان السلف يشتد عليهم معارضة النصوص بآراء الرجال ولا يقرون المعارض على ذلك وكان) ..
ــــــــ
* وروي أبو نعيم في الحلية حدثنا الحميدي قال : كنت بمصر فحدث محمد بن إدريس الشافعي بحديث عن رسول الله r فقال له رجل: يا أبا عبد الله تأخذ بها؟ فقال: إن رأيتني خرجت من الكنيسة أو ترى على زنارا؟ حتي إذا سمعت من رسول الله r حديثا لا أقول به ؟.
ــــــــ
* ونظير هذا ما أن محمد بن إسحاق بن خزيمة قال : قلت لاحمد بن نصر – وحدث بخبر النبي – أتأخذ به ؟ فقال ابن خزيمة : أتري علي وسطي زنارا ! لا تقل لخبر النبي r أتأخذ به و قل : أصحيح هو ذا ؟ فإذا صح الخبر عن النبي r قلت به شئت أم أبيت .
ــــــــ
روي عن أبي الدرداء انه قال : لو خرج رسول الله r عليكم ما عرف شيئا مما كان عليه هو و أصحابه إلا الصلاة . قال الاوزاعي : فكيف لو كان اليوم ؟! قال عيسي بن يونس : فكيف لو أدرك الاوزاعي هذا الزمان ؟! و أقول فكيف لو أدرك النبي r و أصحابه ما نحن فيه ؟!..
ــــــــ
قل للؤلا حكموا بقول خواجــة قد عششت في قلبه الأهواء
عجبا لنا بالامس قال الشافــعي و سواه قولا ليس فيه خفاء
لا تتركوا قول الرسول لقولــنا ان تفعلوا هذا فنـحن براء
هو وحده المعصوم فاستمعوا لـه ودعوا سواه فاننا خــطاء
و اليوم من عجب اقول لكــم دعوا احكام مسيو انها بتراء
لا تتركوا قول الاله لقـــوله هذا ضلال واضح و شـقاء
لقد اسلقلت مصر و استغنت بما حازت و لما يستقل قـضاء
قلت : فلا يستقيم إيمان المرء إلا بتعظيم النصوص الشرعية من كتاب و سنة و الامتثال لها ..
و هذا ما لخصه الامام الطحاوي في الطحاوية قائلا :
( وَلَا تَثْبُتُ قَدَمُ الْإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ التَّسْلِيمِ وَالِاسْتِسْلَامِ فَمَنْ رَامَ عِلْمَ مَا حُظِرَ عَنْهُ عِلْمُهُ ، وَلَمْ يَقْنَعْ بِالتَّسْلِيمِ فَهْمُهُ ، حَجَبَهُ مَرَامُهُ عَنْ خَالِصِ التَّوْحِيدِ ، وَصَافِي الْمَعْرِفَةِ ، وَصَحِيحِ الْإِيمَانِ )
قال أبي العز الحنفي في الشرح : وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِلرَّسُولِ نَقَصَ تَوْحِيدُهُ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ بِرَأْيِهِ وَهَوَاهُ ، أَوْ يُقَلِّدُ ذَا رَأْيٍ وَهَوًى بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ، فَيَنْقُصُ مِنْ تَوْحِيدِهِ بِقَدْرِ خُرُوجِهِ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ، فَإِنَّهُ قَدِ اتَّخَذَهُ فِي ذَلِكَ إِلَهًا غَيْرَ اللَّهِ .قَالَ تَعَالَى : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ الْجَاثِيَةِ آية 23) أَيْ : عَبَدَ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ . وَإِنَّمَا دَخَلَ الْفَسَادُ فِي الْعَالَمِ مِنْ ثَلَاثِ فِرَقٍ ، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ :
رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ وَقَدْ يُورِثُ الذُّلَّ إِدْمَانُهَا
وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَخَيْرٌ لِنَفْسِكَ عِصْيَانُهَـا
وَهَلْ أَفْسَدَ الدِّينَ إِلَّا الْمُلُوكُ وَأَحْبـَارُ سُوءٍ وَرُهْبَانُهَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصل الثاني : انه ليس معني ان فلانا من الناس عالم جليل فاضل مجتهد مطلق ان نقبل كل اقواله بل نحفظ له مكانته و لا نتبعه في ذلته لان ذلة العالم لا لعا لها ..
العوام يقلدون العالم و يتبعونه فيجعلون رأيه دينا فلا يتركونه ابدا و قديما قيل : اذا ذل العالم ذل بذلته عالم .
و لهذا تخوف عمر بن الخطاب و ابو الدرداء و جماعة من اصحاب النبي r و التابعين من ذلة العالم قال : لا اخاف علي هذه الامة غير احدي ثلاث منها ذلة العالم .
لماذا يقع العوام في هذا : لانهم يعتقدوا ان العالم بذل الجهد في الوصول الي الحق و هو كذلك فيستقر في صدرك انه اصاب ..
و نحن اذ نرد علي أي عالم نحفظ له مكانته و لو كان حيا لحملنا الابريق له و نصب عليه وضوئه و نقرب له نعله و نتدين بطاعته ما اطاع الله و رسوله و مع ذلك لا نتبعه فيما اخطأ فيه ..
و كثيرا ما رد الشافعي علي ابي حنيفة و علي ابي يوسف و علي محمد بن الحسن و مناظراته شهيرة معروفة ..
بل و رد علي مالك حتي انه حين قدم الي مصر و كانت مصر مالكية اول ما دخل مصر الجماعة المالكية من اقرانه و اصحابه ازوروا عنه و لم يستقبلوه ذاك الاستقبال ففطن الشافعي و لم يلقي دروسا حتي ان اشهب بن عبد العزيز و كان من رؤوس المالكية في مصر و فقيهها كان يدعو علي الشافعي في سجوده فقال : اللهم امت الشافعي حتي لا يذهب علم مالك فلم يرد الشافعي حتي اتي له تلاميذه و قالوا له بان يرد فقال ابيات شعر و هي :
تمنّى رجالٌ أن أموت وإن أمُــتْ فتلك سبيلٌ لستُ فيها بأوْحدِ
فقُلْ للذي يبغي خلافَ الذي مضى تزوَّدْ لأخرى غيرها فكأنْ قدِ
ثم رد عليه رحمة الله عليه ..
فهذا اصل : نرد علي مشايخنا و نحن نبجلهم و نحترمهم لانهم هم الذين علموننا ان نرفض التقليد و ان نبحث عن الدليل و نعظمه فكيف تكون خطتهم علي عكس ما يدعون اليه ؟ نعم نرد عليهم و هم مبجلون مكرمون ..
أي لو رددنا علي عالم فاضل جليل ليس معني هذا اننا ننتقصه ..
وتواترت اقوال الائمة الثقات بمن يأتي بعدهم بأن يردوا اقوالهم المخالفة لقول النبي r و تحذيرهم من اتباع اقوالهم ..
أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها
أبو حنيفة رحمه الله :
* اخرج ابن عابدين في " الحاشية " قوله : ( إذا صح الحديث فهو مذهبي. )
* و من نفس المصدر قال ابي حنيفة : ( لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه )
* و قال ايضا : ( حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي )
* زاد في رواية : ( فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا )
* و قال ايضا : ( ويحك يا يعقوب ( هو أبو يوسف ) لا تكتب كل ما تسمع مني فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا وأرى الرأي غدا وأتركه بعد غد )
* و قال ايضا في الايقاظ للفلاني : ( إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول r فاتركوا قولي ) .
مالك بن أنس رحمه الله :
* قال مالك رحمه الله كما عند ابن عبد البر في الجامع : ( إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ) ..
* و قال ايضا من نفس المصدر : ( ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم ) .
* و في مقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم قال ابن وهب : سمعت مالكا سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء ؟ فقال : ليس ذلك على الناس . قال : فتركته حتى خف الناس فقلت له : عندنا في ذلك سنة فقال : وما هي ؟ قلت : حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه . فقال : إن هذا الحديث حسن وما سمعت به قط إلا الساعة ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل الأصابع .
الشافعي رحمه الله
وأما الإمام الشافعي رحمه الله فالنقول عنه في ذلك أكثر وأطيب وأتباعه أكثر عملا بها وأسعد فمنها :
* ففي تاريخ دمشق لابن عساكر قوله : ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله r وتعزب عنه فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله r لخلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله r وهو قولي )
* و روي الفلاني نقل اجماع الشافعي فقال : أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد ) .
* و ذكر النووي في المجموع قوله : إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله r فقولوا بسنة رسول الله r ودعوا ما قلت ) . وفي رواية ( فاتبعوها ولا تلتفتوا إلى قول أحد ) .
* و قال ايضا : اذا صح الحديث فهو مذهبي .
* و قال الخطيب في الاحتجاج بالشافعي : أنتم أعلم بالحديث والرجال مني فإذا كان الحديث الصحيح فأعلموني به أي شيء يكون : كوفيا أو بصريا أو شاميا حتى أذهب إليه إذا كان صحيحا .
* و قال كما اخرج ابي نعيم في الحلية : كل مسألة صح فيها الخبر عن رسول الله r عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي ) .
* و عن ابن عساكر بسند صحيح انه قال : إذا رأيتموني أقول قولا وقد صح عن النبي r خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب .
* و قال ايضا من نفس المصدر :كل ما قلت فكان عن النبي r خلاف قولي مما يصح فحديث النبي أولى فلا تقلدوني ) .
* و روي ابن أبي حاتم بسند صحيح قوله : كل حديث عن النبي r فهو قولي وإن لم تسمعوه مني ) .
أحمد بن حنبل رحمه الله
وأما الإمام أحمد فهو أكثر الأئمة جمعا للسنة وتمسكا بها حتى ( كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي ) ولذلك قال :
* ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين قوله : لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري وخذ من حيث أخذوا
* وفي رواية : لا تقلد دينك أحدا من هؤلاء ما جاء عن النبي r وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد الرجل فيه مخير.
وقال مرة كما عند أبو داود في مسائل الإمام أحمد : ( الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي r وعن أصحابه ثم هو من بعد التابعين مخير ) .
* و عند ابن عبد البر في الجامع قوله : رأي الأوزاعي ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي وهو عندي سواء وإنما الحجة في الآثار ) .
* و اخرج ابن الجوزي في المناقب قوله : من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة ) .
قال العلامة الالباني رحمه الله :
* تلك هي أقوال الأئمة رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث والنهي عن تقليدهم دون بصيرة وهي من الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلا ولا تأويلا وعليه فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة لا يكون مباينا لمذهبهم ولا خارجا عن طريقتهم بل هو متبع لهم جميعا ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها * وليس كذلك من ترك السنة الثابتة لمجرد مخالتفها لقولهم بل هو بذلك عاص لهم ومخالف لأقوالهم المتقدمة والله تعالى يقول : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً [النساء : 65])
قال تعالي : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) ..
و حذر المخالفين عن أمره فقال تعالي : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور : 63]) ..
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى :
فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول r وعرفه أن يبينه للأمة وينصح لهم ويأمرهم باتباع أمره وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة فإن أمر رسول الله r أحق أن يعظم ويقتدى به من رأى أي معظم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ * ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم على كل مخالف سنة صحيحة وربما أغلظوا في الرد لا بغضا له بل هو محبوب عندهم معظم في نفوسهم لكن رسول الله أحب إليهم وأمره فوق أمر كل مخلوق فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره فأمر الرسول أولى أن يقدم ويتبع.
* ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفورا له بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالف أمره إذا ظهر أمر الرسول r بخلافه .
كيف يكرهون ذلك وقد أمروا به أتباعهم كما مر وأوجبوا عليهم أن يتركوا أقوالهم المخالفة للسنة ؟ بل إن الشافعي رحمه الله أمر أصحابه أن ينسبوا السنة الصحيحة إليه ولو لم يأخذ بها أو أخذ بخلافها ..
ولذلك لما جمع المحقق ابن دقيق العيد رحمه الله المسائل التي خالف مذهب كل واحد من الأئمة الأربعة الحديث فيها انفرادا واجتماعا في مجلد ضخم قال في أوله :
إن نسبة هذه المسائل إلى الأئمة المجتهدين حرام وإنه يجب على الفقهاء المقلدين لهم معرفتها لئلا يعزوها إليهم فيكذبوا عليهم .
الأصل الثالث : انه ليس كل كلام موجود في الكتب يكون حقا فقد وجد كلام باطل بل هو من ابطل الباطل قال به ناس .. في هذه الامة من يقول ان الله ظلم إبليس و لم يدعه يقول حجته و ان إبليس هو الذي وحد الله اما الملائكة فاشركوا لان إبليس رفض ان يسجد الا لله في الوقت الذي سجد فيه الملائكة لبشر فهو محق و السجود لغير الله كفر يعني كأن الله امر الملائكة بالكفر !! افهو حق ؟؟!! من يقول هذا من علاة المرجئة و منهم من يوصف بالعارف بالله عبد الغني النابلسي يقول في رسالته : كشف الاستار في المقطوع لهم بالجنة و المقطوع لهم بالنار :
ان فرعون مسلم و مقطوع له بالجنة .. لان الاسلام عندهم ان تقول الكلمة فقط و لو اتيت بكل كفر علي وجه الارض .. عندهم ان قلت لا اله الا الله و وضعت المصحف تحت قدميك انت مسلم !!! اذا قلت لا اله الا الله و سببت رب العالمين باقذع السباب فانت مسلم بل ان اسلامك كاسلام جبريل و ميكائيل !!!!
هذا كلام موجود بالكتب و قال به انسان :
افيحل لرجل كلما وجد كلاما في كتاب ان يطلع علي المسلمين و يقول قال به قائل .. اذن لقيل بالكفر المجرد .
* الشيعة يقولون ابو طالب مسلم ! و نحن نعلم بالدليل القاطع انه مات كافرا كما في حديث المثيب بن حزن المروي في البخاري و مسلم و الحديث مشهور .... يا عم قل كلمة ....
بل و ان من اهل السنة من قال باقوال باطلة .. افيحل لرجل كلما وجد كلاما في كتاب ان يطلع علي المسلمين و يقول قال به قائل ؟!.. اذن لقيل بالكفر المجرد .
ثم اقول :
ان الرد من حق المسلمين لانه من جمله النصيحة لله ولرسوله و لكتابه و للمؤمنين .. و هذا الرد من حقنا دفاعا عن ديننا .. يريدون ان يهزوا كل ثابت فيه حتي ما جاء مجيئا قطعيا لا غيب فيه ...
و للحديث بقية باذن الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق