رمضان شهر في غاية الاهمية إذ انه شهر المغفرة صيام نهاره إيمانا و احتسابا و قيام ليله إيمانا و احتسابا و قيام ليلة القدر فيه إيمانا و احتسابا يغفر الذنوب فهو شهر المغفرة .
* و لذلك ثبت عند الترمذي من حديث ابي هريرة رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : رغم انف رجل ذكرت عنده و لم يصل علي صلى الله عليه و سلم و رغم انف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ عنه و لم يغفر له و رغم انف رجل أدرك عنده أبواه الكبر و لم يدخلاه الجنة .
رغم : أي دُسَّ في التراب و فاته خير كثير فشهر رمضان هو شهر المغفرة
* و في الصحيحين عن ابي هريرة رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه و من قام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .
* و في صحيح البخاري عن ابي هريرة رضى الله عنه انه صلى الله عليه و سلم قال : من قام ليلة القدر إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
هذان الحديثان في غاية الاهمية
ضع هذا الحديث في وسط الصفحة وضع عن يمينه حديثا آخر علي جهة المقارنة و علي يساره حديثا آخر للمقارنة أيضا.
الحديث الأول :
في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : الصلوات الخمس و الجمعة الي الجمعة و رمضان الي رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر .
نحن نعلم ان الصلوات المفروضة افضل من صلاة النوافل
فافضل ما يتقرب بها العبد الي الله عز و جل الفروض التي افترضها الله علي العبد لحديث ابي هريرة رضى الله عنه الذي رواه البخاري ان النبي صلى الله عليه و سلم قال قال الله تعالى : و ما تقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ..
اذن الصلوات الخمس و صلاة يوم الجمعة افضل عند الله من قيام ليل رمضان اجماعا
في هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه و سلم : الصلوات الخمس و الجمعة الي الجمعة و رمضان الي رمضان مكفرات لما بينهن اذا اجتنبت الكبائر . اذن هذا هو الشرط اجتناب الكبائر
اذن بين يدي شهر رمضان لابد ان نتوب الي الله عز و جل توبة نصوحا من الكبائر و الكبيرة لها خطران :
1*من مات مصرا عليها ليس له عند الله عهد ان شاء عذب و ان شاء غفر
2*ان الله ان اخذ المصر علي الكبيرة بكبيرته حاسبه ايضا علي الصغائر و ان تاب من الكبائر غفر الله عز و جل له الصغائر قال تعالى : ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم و ندخلكم مدخلا كبيرا .
اذن السيئات المكفره هنا الصغائر فلابد ان يتوب الانسان من الكبائر
إذن التوبة
و التوبة فرض على كل مسلم في كل وقت فاياك ان تؤخر التوبة الي اول رمضان و تأخير التوبة معصية تحتاج الي توبة اخري قال تعالى : و توبوا الي الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون
و هذا أمر و الأمر يقتضي الإيجاب و من ترك الواجب صار ظالما و من ثم قال عزمن قائل :( و من لم يتب فؤلائك هم الظالمون ).و من ثم قال تعالى : يا أيها الذين امنوا توبوا الي الله توبة نصوحا .
فلابد للإنسان ان يتقدم بين يدي الله دائما في كل لحظة بالتوبة و الاستغفار و التوبة كما نعلم جميعا الإقلاع عن الذنب و الندم على ما فات و العزم على الا تعود اليها ..
اذن هي مرتبطة بالأزمان الثلاثة : مضارع و ماضي و مستقبل . هذا اذا كان الذنب متعلق بحق الله تعالى و فقط أما ان كان متعلقا بحقوق العباد فلابد ان توفي حقوقهم و ان تتحللهم
* كما ثبت عند مسلم من حديث ابي هريرة رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : من كان عنده مظلمة لاخيه من مال او من عرض او من شيء فليتحلله منه قبل الا يكون ثم دينار ولا درهم و إنما هي الحسنات و السيئات .
* و هذا معني ما ورد في حديث المفلس من حديث ابي هريرة رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما تعدون المفلس فيكم قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال صلى الله عليه و سلم : المفلس من امتي من ياتي يوم القيامة بصلاة و زكاة و صيام و حج – و معني انه ياتي بهذه الاشياء كما قال ابن عبد البر رحمه الله انه اوقعها بصورة صحيحة مقبوله و الا لم يات بها – و ياتي قد شتم هذا و ضرب هذا و اكل مال هذا و سفك دم هذا و هتك عرض هذا فيجلس فيؤخذ لهذا من حسناته و لهذا من حسناته حتي اذا فنيت حسناته و لم يقض عليه اخذت من سيئاتهم فطرحت عليهم ثم طرح في النار .
اذن لابد ان نهتم بامر التوبة
* و التائب من الذنب كمن لا ذنب له ..و هذا الحديث حسنه الشيخ الالباني و لكن البعض قد تكلم في اسناده و ان كان المعني صحيح بل اكثر من هذا ايضا
* الم ترى ان الله تعالى قال : إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70).
فلابد ان نتقدم بين يدي الله عز و جل بتوبة تحول السيئات إلي حسنات كما سمعتم في سورة الفرقان : وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ آثاما (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)
هل تبدل السيئات حسنات تبديلا حقيقيا او معنويا ؟ القولان صحيحان و بكل قال طائفة من أهل العلم ..
* القول الأول أن التبديل حقيقي :
ففي حديث ابي الدرداء رضى الله عنه في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يقول الله عز و جل لملائكته يوم القيامة : اعرضوا علي عبدي صغار ذنوبه و نحوا عنه كبارها فتعرض عليه صغار ذنوبه حتى اذا رأي انه قد هلك قالت له الملائكة ان الله قد ابدلك بها حسنات فيقول " اني عملت اعمالا لا اراها هاهنا . يبحث عن الكبائر بعد ان كان خائقا من الهلاك و هذه عقوبه لكن الله يتداركه برحمته فضحك النبي صلى الله عليه و سلم حتي بدت نواجزه يتعجب من طمع ابن ادم .. هذا يدل على ان الذنوب تنقلب الي حسنات انقلابا حقيقيا
* القول الثاني قول ابن عباس رضى الله عنه أي انه بدلا من انه كان يفعل المعصية يفعل الطاعة . مثلا بدلا من الجلوس علي المقهي يجلس في المسجد و هكذا .
اذن حين نسمع قول النبي صلى الله عليه و سلم اذا اجتنبت الكبائر فلابد ان نتوب الي الله توبة نصوحا حتي يعمل رمضان عمله في غفران الذنوب
و كذلك حين نسمع قول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الثابت في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضى الله عنه قال : ارأيت لو أن نهرا يجري بباب احدكم فيغتسل منه كل يوم و ليلة خمس مرات هل يبقى من ادرانه من شيء قالوا لا يا رسول الله قال فكذلك الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا .
تذكر و أنت تقرأ هذا الحديث قوله صلى الله عليه و سلم : إذا اجتنبت الكبائر
فهذه اول نقطة يجب ان نهتم بها و السؤال : ما هي الكبيرة ؟
عرفها القرطبي في المفهم أنها :
كل ذنب نص الشرع على انه كبيرة او تعلق به في الدنيا حد او لعن فاعله او توعد بالنار او شدد النكير عليه . خمس نقاط
كل ذنب نص الشرع على انه كبيرة : مثال :
* حديث ابي بكرة رضى الله عنه في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : الا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : الاشراك بالله و عقوق الوالدين و كان متكئا فجلس فقال : الا و قول الزور و شهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا لا يسكت و في رواية ليته سكت .
* و مثال اخر ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر t ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : ان من اكبر الكبائر ان يلعن الرجل والديه قالوا يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه فقال صلى الله عليه و سلم : يسب الرجل ابا الرجل فيسب اباه و يسب امه فيسب امه .
تصور ان هذه الكبيرة يتمازح بها الشباب علي قارعة الطريق .
* عند البخاري من حديث عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ – و انه لكبير- ثُمَّ قَالَ بَلَى كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ وَكَانَ الْآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ... الحديث
* مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيِّ " أَعْظَمُ الْغُلُول عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ذِرَاع أَرْض يَسْرِقُهُ رَجُلٌ فَيُطَوَّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ "
أو تعلق بها في الدنيا حد :الخمر و القذف و الزنا و السرقة
أو لعن فاعله :
* مثال لذلك حديث جابر رضى الله عنه عند مسلم ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : لعن الله اكل الربا و مؤكله و كاتبه و شاهديه هم فيه سواء أي يتساوون في الوزر و الاثم
* و كقوله صلى الله عليه و سلم في حديث ابن مسعود t في الصحيحين : لعن الله النامصة و المتنمصة و الواشمة و المستوشمة و المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله .
النامصة التي تاخذ من شعر الحاجبين و الواشمة هي التي تدق الوشم و المستوصلة هي التي تصل شعرها بشعر مستعار (باروكة)
* و كحديث ابن عمر رضى الله عنهما في الصحيحين ايضا : لعن الله صلى الله عليه و سلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ
كل هذا من الكبائر و انت تلاحظ ان في عصرنا الحديث مراكز للتجميل يرتكب فيها كل هذه الكبائر التي لعن فاعلها .
و كل انسان يعمل ما بدا له لكنه مؤاخذ به مجزي عليه قال تعالى : و كل انسان الزمناه طائره في عنقه ... الايات
و كحديث علي بن ابي طالب رضى الله عنه : احبب ما شئت فانك مفارقه عش ما شئت فانك ميت .. الحديث
فالكل سيدفع فاتورة الحساب كاملة و الحساب بمثاقيل الذر : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ... الايات
او توعد بالنار:
مثال ما رواه مسلم من حديث ابي هريرة رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : صنفان من اهل النار لم اراهما رجال معهم سياط كاذناب البقر يضربون بها الناس و نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤسهن كأسنمة البخت المائله لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها و ان ريحها ليوجد من مسيرة كذا و كذا ..
فالعجب من امرأة تتلبس بهذه العباده العظيمة و هي مع ذلك متبرجة سماها النبي e مائلة : أي هي مائلة عن الحق بما فعلته . مميلة : أي مميلة لغيرها من النساء و الرجال فالرجال اذا نظروا اليها افتتنوا بها و كذلك النساء اذا نظرن اليها قلدنها كما في الريف و ما الى ذلك .
و زي المرأة الشرعي يشترط شروطا يجب ان تتحقق فيه و الا لم يكن زيا شرعيا و كان تبرجا و توعدت باللعن و العياذ بالله ملخص الزي كالتي :
1- ان يغطي الحجاب جميع بدن المرأة علي خلاف في الوجه و الكفين
2- ألا يكون زينة في نفسه (فلا تكون العبائة مزينة )
3- ان يكون صفيقا لا يشف (اي غليظا او ثخينا) .
4- فضفاضا غير ضيق .
5- الا يكون مبخرا مطيبا (وضع العطور و البرفانات).
6- إلا يشبه لباس الرجل .
7- إلا يشبه لباس الكافرات .
8 – إلا يكون لباس شهرة (لافت للنظر لما فيه من غرابة).
الحجاب مسئولية ثلاث طوائف من الناس :
أولا : مسئولية المرأة فهي مسئوله أمام الله تبارك و تعالي وواجب عليها ان تطيع أمر الله فقد قصدها الله بالحجاب و نوع اساليب الخطاب . فتارة يأمرها علي لسان رسوله صلى الله عليه و سلم في قوله تعالي : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب : 59])
وقوله تعالي : (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور : 31])
وكما تلاحظون ان الخطاب هنا يرتبط ارتباطا وثيقا بصفة الايمان (قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ) (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ)
لان ما شأن المؤمنين اذا دعوا الي الله ورسوله ليحكم بينهم قال تعالي: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [النور : 51])
ولا يتوقع من المؤمن ابدا ان يكون له الخيرة مع امر الله و امر الرسول صلى الله عليه و سلم : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً [الأحزاب : 36])
لا اختيار مع أمر الله و أمر النبي صلى الله عليه و سلم .
فلا يتصور من مؤمنة قانتة مسلمة مطيعة لله و رسوله ان تقول دعوني لاقتنع !! او تجد بعض الآباء يفلسفون تفريطهم بطريقة عجيبة جدا يقول : انا لا اريد ان اكرهها لابد ان يقنعها و يترك لها حرية الاختيار و غير ذلك وهو يحسب انه خير الاب و خير الراعي ولا يفطن انه بذلك سلطان بلا تاج و ان ما يفعله هذا ليس من صفات المؤمنين اذا كانوا مسئولين عن رعيتهم و هذه المفاهيم مجذوبه من بلاد الكفار حيث لا دين ولا ورع ولا خوف من الله تبارك و تعالي .
اما المؤمن امام حكم الله و حكم الرسول يقول : اتركها حتي تقتنع او اتركها لحريتها حتي لا اجبرها !! و نسمع هذا كثيرا حتي من بعض الازواج !! الزوج نفسه يقول في حق زوجته يقول : انا اوضح لها الامر لكن لا اجبرها و يظن انه بهذا رجل منصفا !! وهذا بلا شك صفة قبيحة لا تليق بالرجل المسلم الذي له ولاية علي نسائه .
و تارة يخاطب المؤمنات جميعا في شخص امهات المؤمنين فقال عز و جل : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب : 33])
فالمرأة مسئولة عن الحجاب و ليس لها ان تتخلي عنه و لو رضي وليها بالتبرج أو أمرها به و حثها عليه يقول تعالي : (وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً [13] اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الإسراء : 14])
وقال عز و جل : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدّثر : 38])
ثانيا : مسئولية الرجل الذي هو وليها سواء أكان زوجا أو أبا او اخا او ابنا و يقول تعالي : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء : 34]).
ثالثا : مسئولية الحاكم الذي يلي أمر المسلمين ممن سيسأل عن هذا الامر .فان واجب الخليفة المسلم حراسة الدين و سياسة الدنيا بالدين هذه هي وظيفته . الامر الذي لا يتم الا بمراعاة الاحكام الشرعية لهذا الباب .
هذا على عجالة و الامر يطول و ليس مقاله ها هنا – و من شاء فليراجع الى كتاب لباس المرأة المسلمة للشيخ الالباني رحمه الله.
* سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ
او شدد النكير عليه :
و تشديد النكير له اساليب و منه ان يتبرأ الله عز و جل منه او ان يتبرأ الرسول صلى الله عليه و سلم منه
* كما قال تعالى : لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ..... الآيات فهذا تبرؤ من الله
* و كذلك حديث النبي صلى الله عليه و سلم في صحيح مسلم من حديث ابي الحمراء t : من غش فليس منا
* و هناك حديث اخر من حديث ابي هريرة رضى الله عنه : من غشنا فليس منا
فليس لك ان تغش المسلمين ولا غير المسلمين فالمسلم ليس غشاشا أصلا
و من اساليب تشديد النكير نفي الإيمان او الإسلام
* في الحديث الثابت في الصحيحين من حديث ابي شريح الخزاعي رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا يا رسول الله من هذا ؟ قال : من لا يأمن جاره بوائقه .
ـــــ
روي الإمام الطبري عن ابن عباس t ان رجلا سأله قال : يا ابن عباس الكبائر سبع ؟ قال هن الى السبعين اقرب غير انه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار .
نلاحظ من هذا الحديث ان الإصرار على الصغيرة يحولها الي كبيرة لماذا ؟
لانه يورث استخفاف العاصي لهذه المعصية و يجعله يتعامل معها تعامل المستحل لها فالقلب تدرب علي هذا .
* الم تري ان النبي صلى الله عليه و سلم قال كما عند أبي داوود من حديث ابي هريرة t : اذا أذنب العبد ذنبا نكتت في قلبه نكته سوداء فان هو نزع و استغفر و تاب ثقلت و ان هو تمادى تمادت حتي تعلو قلبه فذلكم الران ثم قرأ : كلا بل ران على قلبه ما كانوا يكسبون .
* و لذلك قال أبو المعالي الجويني و العز بن عبد السلام و الحافظ ابن حجر رحمهم الله : الكبيرة كل ذنب يشعر ان مرتكبه مستخف بالدين .
فكل شخص يعمل الذنب صباح مساء يورث هذا في القلب الف للمعصية مما قد يؤدي الي استحلالها فتحول هذه الصغيره الي كبيرة
الحديث الثاني عن يسار الحديث الذي بالاعلى
* حديث اخرجه احمد و الحاكم و البيهقي بسند صحيح من حديث ابي هريرة رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : رب صائم حظه من صيامه الجوع و العطش و رب قائم حظه من قيامه السهر .
قارن بينه و بين الحديث من صام رمضان ايمانا و احتسابا و من قام رمضان ايمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ..
فكيف يكون الصيام سببا في غفران الذنوب في حق زيد و مجرد اتعابا للنفس بالجوع و العطش في حق عمر ؟؟؟
و كذلك كيف يكون القيام سببا في غفران الذنوب في حق زيد و مجرد اتعابا للجسد بالسهر في حق عمر ؟؟؟؟؟
هل هو الرياء ؟ ام ماذا ؟ يحتمل لان الرياء يفسد الاعمال التي هي في ظاهرها اعمال صالحة و الادلة علي ذلك كثيرة
* مثال ذلك الحديث الذي اخرجه مسلم و الترمذي و ابن حبان من حديث ابي هريرة t ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : اول من يقضى عليه يوم القيامة – في رواية الترمذي و ابن حبان اول من تسعر بهم النار يوم القيامة – رجل قاتل حتى استشهد فؤتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها ؟ - لان الله تعالى يقول : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم . فكل نعمة ستسأل عنها قد انعم الله بها عليك – فيقول قاتلت فيك حتى استشهدت فيقول الله كذبت لكنك قاتلت ليقال هو شجاع فقد قيل – أي ان هذه كانت نيتك و النبي e يقول : و انما لكل امرء ما نوى – و اخذت ما نويته ثم يؤمر به فيسحب على وجهه فيلقى في النار , و رجل تعلم العلم و علمه و قرأ القران فؤتي به فعرفه نعمه فعرفها فيقول فما عملت فيها ؟ فيقول يارب تعلمت فيك العلم و علمته و قرأت فيك القران فيقول عز و جل كذبت و لكنك تعلمت العلم ليقال هو عالم و قرات القران ليقال هو قارئ فقد قيل ثم يؤمر به فيسحب على وجهه فيلقى في النار و رجل انعم الله عليه و اعطاه من كل اصناف المال فؤتي به فعرفه نعمه فعرفها فيقول فما عملت فيها ؟ قال يا رب ما تركت باب تحب ان ينفق فيه الا انفقت فيه لك فيقول عز و جل كذبت و لكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم يؤمر به فيسحب على وجهه فيلقى في النار .
هذه رواية مسلم و خرج الترمذي و ابن حبان الحديث بزيادة مفيدة و هي ان معاوية ابن ابي سفيان t حين سمع الحديث بكى حتي اغشي عليه فلما افاق قال : يا سبحان الله قد فعل هذا بهؤلاء فكيف بمن بقي من الناس ؟ صدق الله عز و جل : من كان يريد الحياة الدنيا و زينتها نوف اليهم اعمالهم فيها و هم فيها لا يبخسون اؤلئك الذين ليس لهم في الاخرة الا النار و حبط ما صنعوا فيها و باطل ما كانوا يعملون
انسان جاهل يقول : احيني النهارده و موتني بكرة مثلا انا عايز الدنيا و يوم القيامة اعذب
فهذه الاية مخصصة بالاجماع باية سورة الاسراء : من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا . أي ان ليس كل من اراد الدنيا يعطاها ابدا فالامر مقيد بمشيئة الله تعالى ..
فيحتمل ان الرياء الذي اوجد هذا التفاوت بين زيد و عمر
لكن شيخ الاسلام يقول : ان فرضنا هذا في صوم النفل فليس هذا متوجها في صوم الفرض ان يكون السبب الرياء لان الاصل في شهر رمضان ان جميع الناس صوام و لا يجوز لمسلم ان يوهم الناس فيوم رمضان انه مفطر فاسق و هو مأمور بان يطلب البرائة في الدين و العرض .. محال
إذن مسألة الرياء في صيام الفرض ضعيفة إذن ما الذي أوجد هذا التفاوت ؟؟؟
قال شيخ الإسلام :
ان الله عز و جل انما شرع الصيام لنحصل تقواه قال تعالى : يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون فالتقوي : هي افضل ما يلقي الانسان به ربه يوم القيامة
انظر : انزل الله تعالى القران في شهر رمضان و انما عظم الشهر لانزال القران فيه
جعله الله تعالى كتاب هداية للناس جميعا لكن انظر من الذين يهتدون بالقران فعلا ؟
انظر الي اول سورة البقرة : ذلك الكتاب لا ريب فيه هدي للمتقين . فلن يهتدي بهذا القران الا المتقين
فمن ثم شرع الله عز و جل لنا صيام رمضان الذي انزل فيه القران حتى نحصل التقوي التي نستطيع ان نتعامل بها مع القران على انه كتاب هداية حقا . فما هي التقوي : هي بايجاز خوف من الله عز و جل يدفعك الي امتثال الأمر و اجتناب النهي.
انظر الي تعريف علي بن ابي طالب رضى الله عنه يعرف التقوي أول شيء : الخوف من الجليل .. تعرف ان الله تعالي يطلع عليك و يراقبك سبحانه و تعالي لا تأخذه سنة و لا نوم و لا يضل ربي ولا ينسي و يعلم خائنة الاعين و ما تخفي الصدور قال تعالي : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [هود : 5]) و يعلم دبيب النملة السوداء علي الصخرة الصماء في الليلة الظلماء و هو الذي قال في كتابه العزيز : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المجادلة : 6])..
وقال تعالي : (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف : 49])
اذن لابد من الخوف من الله هذه هي القوة الدافعة الخوف من الله و لذلك يقول تعالي : (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً [الأنفال : 29]) و يقول تعالي : (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً [الطلاق : 2])
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ [51] فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ [الدخان : 52]) انظر إلي هذا التعبير (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ [القمر : 55]) ..
*يقول علي رضى الله عنه : هي الخوف من الجليل و العمل بالتنزيل و الاستعداد ليوم الرحيل .
*يقول ابن مسعود رضى الله عنه في تفسير قوله تعالي : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران : 102]) قال :
حق تقاته ان يطاع فلا يعصي و ان يذكر فلا ينسي و ان يشكر فلا يكفر ..
و قال طلق بن حبيب : التقوي أن تعمل بطاعة الله علي نور من الله (بدليل من الكتاب و السنة )ترجو ثواب الله (ان تكون النية خالصة لله عز و جل ) و ان تترك معصية الله علي نور من الله تخاف عذاب الله ..
وهذا عمر بن عبد العزيز رحمه الله دخلت عليه زوجه فاطمة بنت عبد الملك و كان من شأنه انه يقوم من الليل يصلي ثم يجلس في محرابه يبكي حتى ينعس فإذا استيقظ استأنف البكاء قالت له زوجه : ما يبكيك يا أمير المؤمنين ؟ قال : ويحك يا فاطمة لقد وليت هذا الأمر عن غير رغبة مني فتفكرت في اليتيم الجائع و الفقير الضائع و الأرملة و المسكين و الشيخ الكبير و ذي العيال الكثير و المال القليل فعلمت أن ربي عز و جل سيسألني عنهم يوم القيامة و أن خصمي دونهم محمدا r فخشيت ألا تثبت لي حجة عند مخاصمته فرحمت نفسي فبكيت .. هذه هي التقي ..
ويقول عمر بن عبد العزيز ليست التقوى بصيام النهار و قيام الليل و التخليط بين ذلك و لكن التقوى أن تقابل أوامر الله عز و جل بالامتثال و نواهيه بالاجتناب.
انظر : هل قال عمر بن عبد العزيز هذا الكلام من عند نفسه ؟ لا . السلف الصالح ما كانوا يتكلمون من عند أنفسهم بل كانوا يتكلمون بالكتاب و السنة و الدليل علي قول عمر بن عبد العزيز ..
ما ثبت عند البخاري من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ *)
و لكن أول شيء يتقرب به إلي الله عز و جل ما افترضه عليك . فهل يجوز لإنسان ان يصلي السنن الراتبة و يترك الفرائض ؟! او ان يصوم اثنين و خميس و يفطر في رمضان ؟! ما معني : كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ؟
ان التقي من عباد الرحمن فيصون سمعه عما يغضب الله و ينصت الي ما يرضي الله و إذا مر باللغو مر كريما لا ينصت اليه ولا يشارك فيه بلسانه. يصون بصره عن المحرم فمن الذي يتحكم في هذه الجوارح ؟ رب الارباب سبحانه و تعالي . الطاعة و المعصيه ..
كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ .. اي اسدده فلا يستخدم اعضائه و جوارحه الا في ما يرضيني ..
قال تعالي عن عباد الرحمن : (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً [الفرقان : 72]).
و هنا نسأل سؤالا هاما : كيف يخاف الإنسان من الله تعالي ؟
هذا الأمر يحتاج الي امور عديدة منها:
1* المداومة علي قراءة القران مع تدبره .
2*الإكثار من ذكر الموت.. وروى الترمذي و غيره من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ يَعْنِي الْمَوْتَ قَالَ أَبو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ *.
3*الذهاب الي المقابر .وروى مسلم من حديث بُرَيْدَةَ الاسمي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا *
4* القراءة في التفاسير و في سنن النبي صلى الله عليه و سلم لمعرفة أهوال القيامة و أهوال الآخرة علي وجه التفصيل لأن الإجمال لا ينفع في مثل هذه الأمور ليعلم الإنسان ما الذي ينتظره من نعيم أو عذاب ..
5*و شرع الله لنا الصوم لتحصيل التقوي التي هي الخوف منه التي تدفعنا الي امتثال الامر و اجتناب النهي لذلك تجد انه عز و جل حرم علينا في نهار الصيام الصق شهوتين بنا شهوة البطن و الفرج
فحرم الله تعالى علينا هاتين الشهوتين في نهار رمضان و هاتين الشهوتين هما السبب في دخول اكثر اهل النار النار .
* روى الترمذي بسند صحيح عن ابي هريرة رضى الله عنه قال قيل : يا رسول الله ما اكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال تقوي الله و حسن الخلق . قيل و ما اكثر ما يدخل الناس النار ؟ قال الفم و الفرج .
ان استطاع الإنسان ان يكف فمه بما فيه من لسان من غيبة و نميمه و استهزاء – و هل يكب الناس علي مناخرهم في جهنم الا حصائد السنتهم – و كذلك صيانة الجوف من الاكل الحرام و صيانة الفرج ايضا عن معصية الله تبارك و تعالى : قال تعالى : الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فؤلئك هم العادون
* ولذلك في صحيح البخاري في حديث سهل بن سعد رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : من يضمن لي ما بين لحييه و فخذيه اضمن له الجنة .
فتجد ان الله حرم علينا هاتين الشهوتين و هما الصق شهوتين بابن ادم ليربي فينا عز و جل فضيلة التقوي
فهل نتصور او نظن ان الله تعالى يحرم علينا شهوتين في نهار رمضان و هما مباحتان في ليل رمضان و غير رمضان و يطلق ايدينا في معاصية التي حرمها الى ان تقوم الساعة ؟ هذا غير متصور عقلا فكيف يمتنع الانسان عن الاكل و الشرب و الجماع ليحصل التقوي ثم هو يهجم على معاصي الله في نهار الشهر كيف تربى التقوي في انسان كهذا انسان يعتقد ان الصيام مصيبة نزلت به يقول اسلي صيامي و التسلي هذا أي طلب النسيان مما الم بالانسان من شيء يؤلمه الصائم في مصيبة يحتاج الي تسلية صيامة بمشاهدة فيلم حتي ان الشيطان لا يتركه قبل او بعد الافطار و نشأت ما تسمي بالمخيمات الرمضانية هو و هي بجوارهم الشيشة و يشاهد شاشة عرض كبيرة عليها افلام و اغاني و الذي بالبيت يشاهد التليفزيون و كنا في الماضي قبل الالتزام نذهب للعمل نحل الكلمات المتقاطعة و ليس هناك مانع بوجود غيبة و ما شابه ثم نعود للبيت مباراة ثم فيلم فلان او علان او راقصة !!
ثم يأتي الإفطار .. !!!!!!!!!!! كيف نحصل التقوي ؟
نجد ان كثيرا من المسلمين ما يدخل الشهر عليه ثم يخرج منه كما دخل و ما أبرء نفسي فكل مسلم يصاب بهذه لكن بدرجات متفاوته .
يقول شيخ الإسلام :
أن لم تجعل الهدف من الصيام تحصيل التقوى أمام عينيك دائما لن تستفيد من صيام رمضان و سيكون هذا أتعاب للنفس بالجوع و العطش و السهر فقط .
و الدليل أن البخاري روى عن أبا هريرة t أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من لم يدع قول الزور و العمل به و الجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه .
لم يقل النبي صلى الله عليه و سلم هنا : القول بالزور كي نحمله علي شهادة الزور و لكن قال : قول الزور و الزور في لغة العرب التي نزل بها القران فهو الباطل و كل قول باطل هو قول زور و لكن كيف نعلم بطلان القول من صحته ؟
عن طريق القران و السنة : فمن لم يدع قول الزور أي قول الباطل فيدخل في ذلك الغيبة و النميمة و الكذب و السب و الفحش و غيره
و العمل به : أي العمل به أيضا أي كل عمل باطل لاسيما عمل العينين و اللسان فلابد علي الانسان ان يراقب لسانه و عينه جيدا لاسيما في شهر رمضان .
و الجهل : الصياح و السفه فانت صائم متلبس بعبادة عظيمة هي من مياني الاسلام و اركانه فلابد ان تكون مخبتا تعلوك السكينة و الوقار و ما الي ذلك كما يحدث في الصلاة اذا سمعتم الاقامة فامشوا الي الصلاة و عليكم سكينة ووقارو الحديث في الصحيحين من حديث ابي قتاده و ابي هريرة t ..
اذن هذا الزور هنا كمثل الزور في سورة الفرقان حين ذكر الله عز و جل صفات عباد الرحمن قال : و الذين لا يشهدون الزور ..
أي لا يحضرون الباطل فيشهدون هنا معناها يحضرون و هذا معلوم من لغة العرب
ابن عباس t يقول : شهدت مع النبي صلى الله عليه و سلم صلاة العيد بعد ان فرغ من خطبيته ذهب الي النساء و حضهن علي الصدقه .. و غيره ..شهدت أي حضرت
و اذا راجعت التفسير تجد مثلا ان بعض اهل العلم قالوا و الذين لا يشهدون الزور أي لا يحضرون اعياد المشركين و هذا صحيح لان اعيادهم باطلة من دينهم الباطل .
و اخر يقول : أي لا يجلسون في مجالس الفسق و الخنا لان هذا من الباطل
و اخر يقول : ان يجلس علي مائدة يدار عليها الخمر لنهي النبي صلى الله عليه و سلم لهذا و كل هذا يجمعه قول كلمة الزور و هي الباطل
من لم يدع قول الزور و العمل به و الجهل فليس لله حاجة في ان يدع طعامه و شرابه .
اذن هذا انسان لن يحصل المراد من الصيام و لهذا قال في الحديث الذي هو محل للمقارنه :
رب صائم حظه من صيامه الجوع و العطش و رب قائم حظه من قيامه السهر .
اذن و نحن نستقبل رمضان واجب علينا ان نفرض حظرا على السنتنا و على سائر جوارحنا حتي يكون صيامنا صياما معتبرا ..
حين تعرض الحافظ ابن حجر لحديث ابا هريرة رضى الله عنه وهو في الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قال الله تعالى : كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لي و انا اجزي به يدع طعامه و شرابه و شهوته لاجلي فاذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث و لا يصخب و لا يجهل فان سابه احد او قاتله فليقل اني امرء صائم و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما اذا افطر فرح بفطره و اذا لقى ربه فرح بصومه .
حين تكلم عن قوله تعالى : كل عمل ابن ادم له الا الصوم فانه لي و انا اجزي به .. هذه العبارة مشكله فما هو المراد منها ..
قال ابي عبيد القاسم بن سلام رحمه الله : قد علمنا ان جميع اعمال البر لله و علمنا ايضا ان الله تعالى هو الذي يثيب عليها فما معنى قوله : الا الصوم فانه لي و انا اجزي به ؟؟
اختلفوا في هذه علي أقوال :
اول قول قول ابو عبيد القاسم بن سلام و من وافقه مثل القرطبي و غيره : ان جميع الاعمال تبدو في الظاهر كالصلاة أي يراك الناس و انت تصلى و كذلك الحج و الزكاة و هكذا لكن الصيام كف و ليس فعل فيكون الصائم لا يعلم عنه احد انه صائم الا ان تكلم فلا يدب اليه من الرياء ما يدب الي غيره من الاعمال ككلمة الاخلاص مثلا فتقال لا اله الا الله باللسان فقط لا مدخل للشفاة فيها .. كذلك الصيام ..
المعني الثاني الا الصوم فانه لي و انا اجزي به اراد الله عز و جل ان يبين ان قاعدة الثواب فيما يتعلق بجميع الاعمال معروفة لكن الصيام له قواعد اخرى خارجه عن هذه القاعدة ..
ففي حديث ابي هريرة رضى الله عنه في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : كل عمل ابن ادم يضعف له الحسنة بعشر امثالها الي سبعمائة ضعف الي ما شاء الله قال الله تعالى : الا الصوم فانه لي و انا اجزي به .. فثواب الصيام له قواعد علي خلاف أي عمل اخر و قواعده مختلفة ..
هذا الذي حمل جماهير المفسرين علي القول بان تفسير الاية : (انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب) .. قالوا : الصائمون
و هل الصائم يسمي صابرا ؟ نعم لانه يصوم عن الشهوات و يصوم ايضا عن المعاصى
و قال بعضهم : نسبة تشريف و تعظيم كما تقول بيت الله و رسول الله
قال الحافظ : و هذا باتفاق اهل العلم انما يتعلق بالصائم الذي لا يتلبس بالمعاصي و يجتنبها أي الصيام السالم من المخالفات القولية و العملية. فالصيام قسمه الزهاد إلي أربعة أنواع :
صيام العوام : وهو الكف عن الاكل و الشرب و الجماع .. رافع لما في الذمة لكنه لا يترتب عليه ثواب .
و صيام خواص العوام : و هو الكف عن الاكل و الشرب و الجماع مع اجتناب المحرمات
و صيام الخواص : و هو الصائم عن غير ذكر الله
و خواص الخواص : و هو الصائم عن غير الله تعالى فهمه الله و لا فطر له الى يوم القيامة
اذن لابد ان تفرض حظرا علي كافة جوارحك و نصيحة لك ان تحمل جهاز التلفاز و تضعه في الدولاب و تقفل عليه و سيأتي لك الشيطان يقول لك اسمع قناة الناس و ما شابه و الشيخ فلان ..
قل له : انا أرى طوال العام كل الشيوخ و الوقت الان وقت عمل وقت عمل و مشاهدتك للشيخ فلان قد تجرك الي ما لا يحمد عقباه و الله عز و جل يقول : (ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين) .
هذه نصيحتي لك : انشغل بالطاعة و القران و بر الوالدين و صلة الارحام و الاحسان الي الناس و الجيران و الاصحاب و الاسلام دين العمل كفاك مشاهدة ..
النقطة الثالثة
شهر رمضان هو شهر المجاهدة و قد صنف الإمام البخاري في كتاب الرقاق عقد باب من جاهد نفسه في طاعة الله وورد فيه حديث انس رضى الله عنه ان معاذا رضى الله عنه قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا معاذ فقلت لبيك رسول الله و سعديك ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ فقل لبيك رسول الله و سعديك ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ بن جبل فقلت لبيك رسول الله و سعديك قال : هل تدري ما حق الله علي العباد ؟ قلت الله و رسوله اعلم قلت حق الله علي العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ثم سار ساعة ثم قال : يا معاذ ابن جبل قلت لبيك الله و سعديك قال : هل تدري ما حق الله علي العباد اذا هم فعلوا ذلك ؟ قلت الله و رسوله اعلم قال : حق العباد علي الله إلا يعذبهم فحق الله علينا ان نعبده و لا نشرك به شيئا
الحافظ بن حجر يقول :
ما العلاقة بين عنوان الباب و الحديث ؟ قال العلاقة ان المجاهدة هي كف النفس عن ارادة الاشتغال بغير العبادة .
الإنسان مفطور علي الكسل و حب اللعب و انظر الي الطفل انت لست بحاجة لضربة ليلعب لكن تضربه ليذاكر أي حين تحمله تكليفا ..
و مجاهدتك لها هو ان تحملها علي الانشغال بعبادة الله عز و جل لانك مخلوق لهذا الم تر ان الله عز و جل قد قال : و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون .
و قد بينا سابقا ان القضايا الكبرى اتت بهذا الاسلوب ( انه لا اله الا انا فاعبدون ) و ما يتعلق بالرسل : و ما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله .. النفي و الاثبات
فانت مخلوق لعبادة الله عز و جل فقط ..
بعض الناس يقول أي نجلس في المسجد و نترك العمل ؟ لا انت فهمت العبادة خطأ ففهمت ان العبادة هي الصلاة فقط فالعبادة هي الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و اعمار الكون و التنزه و اشباع الشهوات لكن كل هذا في حدود ما حد الله عز و جل فقد حد الله تعالى حدودا و الملك ملكه و الامر امره عز و جل .. تحرك في الكون كما شئت و لكن بمراعاة الحدود فانت لك ملك و سيد و انت عبده و ليس كأي سيد سبحانه و تعالى فالعبد قد يصيب من سيده غفلة يفعل فيها الشيء او ينتظر حتي ينام او تأخذه سنة او ما شابه ذلك و يجتنب سيده لفترة من الزمان حتى ينسى فعلته و الرب تعالى ليس كذلك : و ما الله بغافل عما يعمل الظالمون – علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى – احصاه الله و نسوه – كل هذا ربنا يطلع عليه و يراقبك ..
يعلم دبيب النملة السوداء علي الصخرة الصماء في الليلة الظلماء
فاذا كان مجاهدة النفس كفها عن الاشتغال بغير العبادة و قال القشيري :
ومجاهدة النفس فطمها عن مألوفاتها و حملها على غير هواها ..
لانظر الي التعبير : الطفل الرضيع حين يفطم ماذا يفعل ؟ يصرخ و يبكي و كلما قرصه الجوع قربت له امه الطعام الجديد من خلال الملعقة فاذا تذوقه بلسانه ابتعد مرة اخري ثم يقرصه الجوع فيقترب و هكذا حتى فترة وجيزة و يتعود على الطعام الجديد بهذه الوسيلة الجديدة في تناوله و ينسى ما كان .
كذلك النفس ان فطمتها عن المألوفات – و الانسان اسير الالف و العادة – ستصرخ و تتعب لكن بعد ذلك تسكن و تهدأ
حتى الانسان المدخن يوم واحد رمضان لا تستطيع ان تحدثه و اول ما يؤذن للمغرب الناس تفطر على التمر هو يفطر على سيجارة لكن بعد ايام يصير الامر عاديا .
رجل اخر يصبح في الصباح كوب الشاي او الاصطباحة في الافطار و ما شابه
عند دخول رمضان كل هذه الانظمة تتغير و كل الاوقات تنظم في اطار هذا الشهر .. تعطي مواعيد بعد صلاة القيام مثلا – عندي مقرأة – بحيث الانسان بعد انقضاء رمضان مجرد ان يهجم على الكعك و الغريبة و ما شابه ذلك يصاب له اسهال و يحدث له تلبك معوي ..
اجزم لك ان التلبك الذي يحدث في المعدة يحدث في القلب أيضا لان شهر رمضان اجتمعت علي القلب طاعات اعتادها و اعتاد الاتصال بالله - هذا للذي يصوم الشهر كما أمر الله عز و جل - فبمجرد ان ينقضي رمضان يستوحش جدا ..
و أتعجب من الذين يحتفلوا برمضان عن طريق ارتكاب المعاصي و تجاوز حدود الله تعالى سبحان الله فهذا شهر المجاهدة أي كف النفس عن الاشتغال بغير العبادة
لذلك تجد ان الله عز و جل جعل في هذا الشهر رؤوس الحسنات أي كما يقول شيخ الإسلام – رؤوس الحسنات هي أركان الإسلام –
في حديث ابن عمر t في الصحيحين : بني الإسلام علي خمس شهادة ان لا اله إلا الله و ان محمد رسول الله و اقام الصلاة و ايتاء الزكاة و صوم رمضان و حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا .
صيامك هذا قد يأتي في الحر و تجد ان العطش يكاد يمزق الحلق و امامك المشروبات و المأكولات و المياه المثلجة و انت بمفردك ما الذي يمنعك ؟ لا يراك احد بالبيت مثلا ما الذي يمنعك ؟ و تحاول ان تصبر نفسك لكنك لا تجرؤ ابدا علي ان تفطر . فكل واحد عنده ولو قدر من تقوى الله عز و جل ..
هذا يدرب الانسان على مرتبة الاحسان كما في حديث جبريل عليه السلام حين قال للنبي e : اخبرنا عن الاحسان قال الاحسان ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك . فهذا اعلى مراتب العبودية مرتبة الاحسان ..
لذلك قال الحافظ في الفتح : اعلى الذكر مراعاة الحدود . فأنت عبد مرصود : قال تعالى : ان ربك لبلمرصاد .. يسمعك و يراك و يستوي في حقه السر و العلن ..
سواء منكم من اسر القول و من جهر به و من هو مستخف بالليل و سارب بالنهار ..
يعلم خائنة الاعين و ما تخفي الصدور .. الا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون و ما يعلنون ..
فلا تستطيع ان تصيب منه غفلة او نوما او نسيانا فالرب تاعلى منزه عن كل ذلك فله الكمال في العلم فلم يكن علمه مسبوقا بجهل و لا يتطرق اليه نسيان او غفله او ما شابه
اذن الصيام يدرب الانسان علي مرتبة الاحسان و على الاخلاص لله عز و جل ...
و الصلاة كذلك ممثلة في شهر رمضان تزداد جرعة الصلاة في صلاة القيام و قيام الليل هو شرف المؤمن و هو دأب الصالحين من قبلنا
الزكاة ايضا ممثلة في رمضان :
في صحيح البخاري من حديث ابن عباس t قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس بالخير و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل و كان جبريل يلقاه في كل ليلة حتي ينسلخ الشهر يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم القران . فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم حين يلقاه جبريل أجود من الريح المرسلة .كان أجود الناس بالخير .
في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال : ما سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا قط فقال لا .
و كان هذا معروفا عنه يعرفه جميع الصحابة ففي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد t قال : اهدت امرأة حلة الي رسول الله صلى الله عليه و سلم فاخذها محتاجا اليها فلبسها فقام اليه رجل من الانصار و قال : ما اجمل هذه الحله اكسونيها يا رسول الله قال نعم فلما قام صلى الله عليه و سلم لخلع الحلة تغير الناس الصحابة علي الرجل فقال : ما احسنت حين سألت صلى الله عليه و سلم ان يكسوك الحلة و قد رأيته اخذها محتاجا اليها و انت تعلم انه ما سئل شيئا قط فقال لا فقال الرجل اني رجوت بركتها حين لبسها و لعلي اكفن فيها .
مع شده جوده صلى الله عليه و سلم كان اجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل لمدارسة القران لماذا ؟
شيخ الاسلام يسأل لماذا يشتد الجود في هذا الوقت بالذات ؟ قال لان القران انما ينتفع به اهل التقوي و النبي صلى الله عليه و سلم كان يتصدق لكي يتمكن من الانتفاع بالقران الا ترى ان الله عز و جل قد قال : لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون
و البر ملازم للتقوي لا ينفكان عن بعضهما و لذلك قال تعالى : و لكن البر من اتقى
و قال تعالى : ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب و لكن البر .. الاية الي ان قال اولئك الذين صدقوا و اولئك هم المتقون
فالابرار لا بد ان يكونوا اتقياء و من صفات الابرار الملازمة لهم انهم ينفقون مما يحبون لن ينالوا البر اصلا حتي ينفقوا مما يحبون
انظر في اية البر : و اتى المال على حبه ذوي القربي و اليتامي ... و هذا خلاف الزكاة
و كذلك قال تعالى في سورة الانسان و هو يتحدث عن الابرار : و يطعمون الطعام على حبه مسكينا و يتيما و اسيرا انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا انا نخاف
و لهذا كان شيخ الاسلام اذا اراد ان يخرج لصلاة الجمعة ياخذ ما حضره بالبيت من خبز او طعام او بصل او ما شابه ذلك ليتصدق به في الطريق حتي يتمكن من الاستماع و الاستفادة من الموعظة .
و قد جعل الله الصدقة برهانا كما ورد في حديث ابي مالك الاشعري رضى الله عنه في صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : الطهور شطر الايمان .... الحديث و الصدقة برهان .
لماذا كانت الصدقة برهانا ؟ لان الانسان مجبول على حب المال قال تعالى : و انه لحب الخير لشديد
و قال تعالى : و تحبون المال حبا جما
فكون الانسان مع شدة حبه للمال ينفق هذا المال و هو لا ينفق أي مال بل ينفق المال الذي يحبه و يفضله فهذا يحتاج الي مجاهدة للنفس فاذا كان الانسان يريد ان يتصدق بشيء و يدخر الباقي نصيحة له ان يتصدق بالباقي : لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون ..
و كذلك في الطعام فلابد ان يتصدق بالجيد بما يحب من ماله كما قال تعالى : يا ايها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم و مما اخرجنا لكم من الارض و لا تيمموا الخبيث منه تنفقون و لستم باخذيه الا ان تغمضوا فيه ..
كان بعض السلف يطيب الاموال بالمسك قبل ان يتصدق بها لانها مقدمة لله عز و جل اصلا و هي من رزقه تعالى
المهم انه صلى الله عليه و سلم كان جوده يشتد في هذا الشهر حتى شبهه ابن عباس t بالريح المرسلة و هي الريح التي تحمل الامطار فتسقط المطر على الارض التي تحتاج و الارض التي لا تحتاج . أي كان جوده يعم المحتاجين و غير المحتاجين .
و لهذا كما في حديث زيد بن خالد الجهني رضى الله عنه عند ابي داوود انه صلى الله عليه و سلم قال : من فطر صائما كان له مثل اجره من غير ان ينقص من اجر الصائم شيء . لان اطعام الطعام من الاسلام.
في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم ساله رجل قال : أي الاسلام خير قاق : تطعم الطعام و تقرأ السلام على من عرفت و من لم تعرف .
وورد في سنن الترمذي بسند صحيح من حديث عبد الله بن سلام رضى الله عنه قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة - و كان ابن سلام حين اذن حبرا من احبار اليهود- انجفل الناس اليه فانجفلت اليه معهم فلما نظرت الي وجهه عرفت انه ليس بوجه كاذب صلى الله عليه و سلم فكان من اول ما قال : يا ايها الناس اطعموا الطعام و افشوا السلام و صلوا الارحام و صلوا بالليل و الناس نيام تدخلوا الجنة بسلام .
فاطعام الطعام هنا داخل في الصدقة فلابد للانسان ان يدرب نفسه على ذلك لا سيما و اننا في ايام غلاء و فقر و من احسن ما تتجاوز به العقبة يوم القيامة هو الاطعام في ايام الفقر قال تعالى : فلقتحم العقبة و ما ادراك ما العقبة فك رقبة او اطعام في يوم ذي مسغبة قال بعض اهل العلم ان العقبة هي واد في جهنم و قال الاخرون ان العقبة هي جبل في جهنم الا ان ابن كثير رحمه الله قال هي الهلاك يوم القيامة لعدم وجود دليل علي القولين السابقين .. من الذي يقتحم هذه العقبه : او اطعام في يوم ذي مسغبه يتيما ذا مقربة : لان الصدقة على القريب صدقة و صلة – او مسكينا ذا متربه:أي يلتصق بدنه بالتراب و قال بعضهم هو ذو العيال الكثير و المال القليل .
انظر عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان اذا فرغ من قيام الليل .... الحديث
و قد كتب الي عامل من عماله قال له : اوصيك بتقوي الله فهي التي لا يقبل غيرها و لا يرحم الا اهلها و لا يثاب الا عليها واعلم ان الواعظين بها كثير و العاملين بها قليل فاذكرك بطول سهر اهل النار في النار مع خلود الابد فاياك ان يكون منصرفك من بين يدي الله عز و جل اخر العهد بك و انقطاع الرجاء منك و السلام . فعزل ذلك العامل نفسه و اقسم الا يلي ولاية بعدها و قدم علي امير المؤمنين قال له : لم فعلت ذلك ؟ قال لقد خلعت قلبي يا امير المؤمنين ..
حتي ان من وسائل الاستغناء و الخير لك فان كان هناك مجاعة و فقر ارسم لنفسك خطة لتخرج من هذه المجاعة و الفقر قبل الاخذ بالاسباب و هي : الاستغفار : قلت استغفروا ربكم
الانفاق : قول النبي صلى الله عليه و سلم : انفق يا ابن ادم ينفق عليك
صلة الارحام : في الصحيحين من حديث انس و ابي هريرة t ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : من احب ان يبسط له في رزقه و ينسئ له في اثره فليصل رحمه .
تقوي الله : و من يتقي الله يجعل له مخرجا و يرزقه .
اذن الصدقة و الصيام هي عبادة الشهر
الحج : ممثل في رمضان كما في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : عمرة في رمضان تعدل حجة و في لفظ تعدل حجة معي ..
الناس تختلف استعداداتها على حسب ما في قلوبهم و على حسب اهدافهم منهم من يعد العدة مع التلفاز و المخيمات !!
و منهم من يرسم خطة لختم القران قراءة و قياما و سماعا و ما شابه
اخر يسعى للخروج للعمرة و الاعتكاف و الإمام الذي سنصلي خلفة الأرعى للسنة و الاخشي في صلاته
و صدق الله اذ قال : قل كل يعمل علي شاكلته فربكم اعلم بمن هو اهدى سبيلاان الانسان الذي يتحرك دائما مستعينا بالله عز و جل و يسأله ان يكون سعيه في رضاه هو الحريص علي ان يقدم علي كل قول او فعل دليلا حين يقف بين يدي الله عز و جل يوم القيامة و نحن موقوفون بين يديه
روى البخاري عن عدي بن حاتم t ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما منكم من احد الا و سيكلمه الله تعالى يوم القيامة ليس بينه و بينه ترجمان فينظر ايمن منه فلا يجد الا ما قدم ثم ينظر اشأم منه فلا يجد الا ما قدم ثم ينظر تلقاء وجهه فلا يجد الا النار فاتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة .. شق تمرة هي التي وردت في صحيح مسلم من حديث ابي ذر ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا تحقرن من المعروف شيئا و لو ان تلقى اخاك بوجه طليق .