03‏/11‏/2010

كاميليا شحاتة و البدايات الفاسدة

الحمد لله و كفى و صلاة و سلام على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد ,
يذكر أصحاب العلوم التطبيقية قواعدا يطبقونها في تجاربهم الا و هي انه اذا اتفقت عناصر المدخلات و تمت التجربة في نفس الظروف البيئية ستؤدي بالتأكيد و بغير شك الى نتائج ثابتة .
اذا قمنا بتطبيق هذه القاعدة علينا كمسلمين فيمكننا ان نقول الاتي :
ان بداياتنا كمسلمين - و التي يجب و يتحتم على كل من شهد ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله ان يبدأ بها بل و يستمر عليها و لا ينثني عنها و لا ينجرف او يميل الى غيرها ولو بميل قليل – هي شرع الله تعالى المستمد من الوحي المعصوم من كتاب و سنة و اجماع
هذه البدايات ستؤدي في النهاية الى نتيجة واحدة لا غير الا و هي (السلام على الأرض) و حفظ الحرث و النسل و بصورة ادق تعبيرا    ( الامن).
دعونا نطبق ما أصلناه انفا :
يقول ربنا تعالى ذكره : (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ ملتهم .. [البقرة : 120])
و يقول عز من قائل: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ... [البقرة : 109])
و يقول سبحانه : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ ..[المائدة : 82])
و يقول سبحانه : (.. وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة : 217])
يبين سبحانه ان اعداء الله من اهل الكتاب و المشركين لا يقومون بمقاتلة الطائفة المؤمنة بمفردهم بل يضعون ايديهم في ايدي اخوانهم من المنافقين الذين يتدثرون بالاسلام ثوبا و يبطنون الكفر و الفسوق و العصيان عقيدة .
قال تعالى : (أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ .....[الحشر : 11])
ايات سورة الحشر نزلت في اوج عز المسلمين و قتالهم ليهود بني النضير  و لهذا  اندحر اهل النفاق و لم يتطاولوا على المؤمنين الصادقين فكذب الله دعواهم فقال : (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)
اما في زمن الهوان و الذل و ضعف شوكة المسلمين يظهر النفاق عاليا خفاقا بلا خوف و لا مواربة ليعلن اخوته التامة لاعداء الله متمنيا بداخله ما قرره العليم الخبير عنه اذ يقول : (وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء .. [النساء : 89])
لطالب الاخرة حين يجد هذا التواطؤ المفضوح المكشوف يتساءل في حزن و الالم يعتصر قلبه: ( أين المفر ؟ )
لطالب الاخرة حين يجد تواطؤ قوى الشر من كل حدب و صوب تجاه دينه يريدون اقتلاعه من صدره ان يتساءل باكيا : (ماذا افعل؟ من أي طريق ابدأ ؟ هل الامل مفقود ؟ هل قل الخير ام انعدم ؟ ما السبيل للخروج من هذا الذل ؟ )
اخواننا و اخواتنا في الدين يعذبون و يصلبون بل و يقطعوا اربا و يرمى بهم الى كلاب الكفر لينهشوا اجسادهم المتوضئة الطاهرة , ما السبيل ؟
و الاجابة تكمن في فهم السنن الاهية و فهم الواقع الذي تمر به الامة :
اولا : من سنة الله تعالى دائما تغلب اهل الكفر و النفاق بسطوتهم و قهرهم على الطائفة المؤمنة بقلتهم و ضعفهم لتحقيق حكمة ابتلاء المؤمنين بالكافرين تنقية للصف من المرتابين و شحذا لهمم المخلصين و اتخاذ الله تعالى مصطفين أخيار – من الطائفة المؤمنة – ليكونوا شهداء بجواره في الجنة .
ثانيا : من سنة الله تعالى دائما الإملاء للطاغية للتمادي ثم التمادي ثم التمادي حتى لا يدع له حسنة واحدة تشفع له في الآخرة فإذا أخذه لم يفلته .
ثالثا : ابتلاء ابناء الامة باخوانهم المعذبين المقهورين ماذا فعلوا لهم ؟ و ماذا قدموا ؟ هل مازالوا مغيبين مخدرين يسيرون خلف كل ناعق يميلون مع كل ريح ام استضاءوا بنور العلم و فهموا ما يكاد لهم في الخفاء هل مازال الاهتمام بفريق كرة او باحدث صيحة موضة او بفيلم و اغنية الموسم ام البكاء و النحيب على اخوان لنا يسامون سوء العذاب ؟
رابعا : لن يكون هناك نتيجة سليمة الا ببدايات شرعية فلن يتأتى امن على وجه الارض  الا بتطبيق شرع الله تعالى و الا فالفساد و الافساد  قال تعالى : (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [الأنعام : 82])
و ان كان المسلمون اليوم في غفوة يغطون أو في مسارب الدنيا يلهثون و ان كان المخلصون اليوم مكبلون اذ احكم عليهم العناق و الجمهم مكر الكفر و النفاق فهذا لن يستمر بحال و الايام دول و لن نعدم دعوة باذن الله .
خامسا : الجزاء من جنس العمل فمن استقوى بكافر او ركن اليه او والاه و نصره على حساب دينه و ابناء ملته فسيلقى حتفه على يد هذا الكافر ان عاجلا او اجلا و صدق ربي حيث يقول : (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً [81] كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً [مريم : 82]) .
سادسا : يجب على المسلم ان يعتز بايمانه و يعلم ان هذه سنة الله في الارض و هذا موعود الله للطائفة المؤمنة قال تعالى مبينا ما قاله المؤمنون حين لقوا الاحزاب : (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً [الأحزاب : 22]) و يجب ان تكون من الذين اثنى الله تعالى عليهم في الاية التي تلي هذه الاية مباشرة اذ يقول : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [الأحزاب : 23]) و لا تكن من الطائفة الخاسرة الضالة التي قال تعالى فيها :
(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً [الأحزاب : 12]) .
اخي المسلم , صديقي يا من تفكر بالإسلام , اعلم ان الامر جلل و الجنة ثمنها غالي و النار عذابها لا يقارن بفتنة الدنيا
فاحجز لنفسك مكانا في الصف و لا تكن من المتخاذلين ممن تراجعوا وولوا أدبارهم يوم الزحف ....
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق